ها أنا أسقط كالفراشة على ( اوراق اليقطين ) كما لو حققتُ نبوءتها وهي تحلم أن تطير فوق أزاهير الشعر الذي يأسرني بنفحاتهِ العطرة ..
نحن الذين نكتم عواطفنا ، وانفعالاتنا ، مشاعرنا
تفجرنا صرخات القوافي التي تستنجد قلمك فهو كالسهم واصابعك القوس ، والورق حقل من أرواح مكدسة لا تعرف كيف تُترجم ؟
نظراتنا الفضولية تأخذ ركن الصفحة تطالع تلك الروح التي تعاني الويلات لاجدني ضائعة وكأني أردت قول ( خذوا رأسي ) ففيه العيون التي تضم بين اهدابها مقبرة للصورِ تحرقها الدموع كلما أُسدل ستار الوجع ..
ولم يعلمني الطير كيفية حياكة جناحين أطير بهما في اليقظة رغمًا عن أنف الخيال .. ولم يستطع من أن يغطي ظل امرأة شرقية هدمت أوثان التقاليد بفأس الشموخ ، ومن المعروف فقط النبلاء يظلهم الطير فبعضهم لهم حق الإستثناءات اللذيذة ..
فما أعذب هذا الإستثناء وما أصعب تجاهله ؟!
فيموت الطير ويظل الظل يركض كساقية وسط أشجار الزيتون ..
فأعود واتمنى لو أنني فعلا اعطيتهم رأسي قبل أن يحرقوا صور طفولتي كرهًا في تلك الحديقة التي كنت أغرق فيها شاردة الذهن كأنني غير مرئية والشجر ينصت لي بكل خاطره وأنا أبتسم لشجرة السدر واعاملها كالقديسة وهي تتهكم بشكل غير مباشر
كلما هبت رياح تطوي معها فلسفة السماء ونصاعة السحب ، وأشعة الشمس تحشر نفسها عند الوسط دون استئذان .. أجدها غير مهذبة ولا تملك شيئا من اللباقة أو حلاوة الحديث ..
مضمونها أن تظهر ويراها الجميع فقط .. وهذا السلوك لدي مكروه حتى لو تكبرت واختفت وذهب خلفها النهار وبقي الليل بثقله وظلامهِ ولكنهُ صادق وخجول كما أنه حساس جدًا يثيرني أن استغرق وقتًا أكثر معه وفي صحبة كوب من الحليب الدافيء ، كما أنني لا أعرف لماذا أكره شرب الشاي ؟
أظن ولكن غير متأكدة من ذلك !!
فقد أفلت يدي وذهب ليستريح على حافات بحر النجف وأكواب الشاي تذكرني به ، أهذا هو السبب الوحيد ؟ أقسم لا أعرف !
مع أن هذه الروح لينة مع الجميع إلا معي .. نعم فهي قاسية بشكل كبير عندي وكأني لست منها .. لطالما جادلت وأرهبت قلبي حتى أنها كممت فمَهُ ونسي كيف يتكلم ؟
لم أكتب يومًا شيء مصطنعاً كما أنني لا أجيد تزييف الكلام ولا حتى كيف أردُّ على الجمل ذات المذاق الحلو ؟ . . ولكني بارعة في تدوير الحديث والخروج من النص دون رد !!
أخبروني عنك بأنك تدير الشعر كما يدير النواعير ماء الفرات ، بين أصابعك الاوزان تنتظم والقوافي ترقص على النهايات الأخيرة لسبابتك .. لا زلت أذكر تفاصيل ذاك الحديث الدسم حين تخالطت بيننا اللهجات ، والأفكار نزلت على الطاولة التي جمعت بابل والانبار والنجف .
ونحن نضحك على تشدق العقول وتعصب العناوين التي راح ضحيتها الكثير .. أنعم الله علينا بالعقل واختيار الصواب وزاد بنعمتهِ علينا عندما جعل الحروف تثيرنا لتحرك الأعين من يمين الشاشة حتى يسارها تميل بدرجة قصوى للهروب من واقع حُكم عليه بالترهيب وعدم الأمان والنزوح وهجر بعض الديار والأصحاب
نهرب من الصدمات والخيبات وعدد القتلى وافواج المفقودين وأصوات المحرومين والقلوب الصماء والارواح النازفة والاجساد الباردة و اللقاءات المؤجلة والعقول المتحجرة والنفوس الكهلة والعيون الموشحة بفهرس كبير من الحزن والاهداب المتكبرة وهي تنزل كسعف النخيل عندما تنعنع بموج غزير من الدموع ..
نحن الفئة القليلة التي تشعر باللازمان لربما كان يجب أن يكون مجيؤنا في زمنٍ غير هذا ولطالما استحوذ على فكري سؤال ترى كيف هي الحياة في ( إرم ذات العماد ) التي نزلت من السماء ولم يخلق مثلها في البلاد ..
ويشطح التفكير إلى أسئلة غريبة خارج صندوق المعقول !!
هل كان لسكانها أجنحة بيضاء ؟
رغم سخافة السؤال ولكن أبحث عن شيء بعيد عن فكرة جريان الاجوبة .. تجذبني الاسئلة التي لا جواب لها تجعلني أكثر تحفيزًا في البحث والاستقصاء ..
ثم أجبني لسؤالي الفضولي هذا ؟ من أخلفت بعد (خلف) ليكون شاعرًا حقيقيًا يسوق هودج اللغة وسط صحراء شبه خالية من الشعرِ ..
ولكونك كبيرٌ عندي في الشعرِ وذو مقام عالٍ لدي ارتأيت أن أكتب إليك رسالة بأحرف نقية وصادقة وأنا على يقينٍ أنت تعلم ذلك ..
كما أني أعرف معنى إن تكون كاتبًا أو شاعرًا هو الا تندم في يومٍ ما في كتابة حرف والوقوف على علامـة الاستفهام ..
ولكوني فتاة سأقول قولي بكل صراحة أنا أتعجب من كل شاعر عندما تعجبه إحداهنّ فيكتب فيها القصائد وبمرور الوقت تجد ديوانًا طُبع لامرأة أخرى ..
أنا أرى من الاجدر أن يكون الشاعر أكثر صدقًا وقصائده تغني في محراب ليلى واحدة .. وبالإمكان أن يكون أكثر ذكاءً فيدرج كل الحبيبات تحت أسم ( ليلى ) لكي يتخلص من لقلقة الحبيبة القادمة .. إلا أنا لا تنطلي عليّ هذه الحيلة لن تكون محل ( الحنان ) أيّ ليلى …
هكذا سرقت من نفسي وقتاً لأكتب فيه هذه الرسالة ففي قلمي روح
وفي قلبي شعور وفي عقلي نور وفي عيني إصرار وفي طريقي إرادة للوصول وفي هذه الرسالة إمتنان للشعرِ الذي عرفني عليك .